توقعات تاريخية

السياسة توجد لكل امة اعياد قومية وسياسية ترجع الى تواريخ استقلالها
او مواليد ملوكها او جلوسهم على عروش هذه الامم او مثل ذلك الزعماء وقادة
الراي والفكر فيها او اعادة ذكرى حوادث جليلة ظاهرة في تواريخها كذكرى
احتلال او موقعة حربية وقع فيها انتصار او انهزم الى غير ذلك

وهذه الاعياد الذكرية او القومية تختلف طبعا باختلاف الامم ولا يمكن
تحديدها الا لمن يستقي موردها من الامة التي يراد تحديد اعيادها القومية
فانه كانت هذه الامة تستعمل التاريخ الشمسي فان رصد اعيادها على اليوم
الشمسي مرة واحدة كاف فكلما تكرر اليوم تكرر العيد دائما وان كانت ممن
يستعملون التاريخ القمري تكررت الاعياد في نفس اليوم من الايام القمرية
المحددة لها في كل سنة وبالرجوع الى تقاويم هذه الامم مرة واحدة تعلم
اعيادها القومية والان نكتفي بهذه الاشارة للرجوع الى المسائل الفلكية
الخالصة وقبل ان نخوض هذا الميدان نعود مرة ثانية الى الكلام على الزمن
وملحقاته ليكون لدينا الدراية الكاملة عنه والله هو الموفق

**

الزمن

زعموا ان الزمان مقدار حركة الفلك وهذا على راي ارسطا طاليس واصحابه وعند
غيره مرور الايام والليالي ثم مقدار حركة الفلك ينقسم الى القرون والقرون
الى السنين والسنون الى شهور والشهور الى الايام والايام الى ساعات والزمن
انفس راس مال به تكتسب كل سعادة وانه يضمحل شيئا فشيئا وزمانك عمرك وهو
معلوم القدر عند الله تعالى وان لم يكن معلوما عندك وما مثله الا كمسافة
ساع يسعى في قطعها قوى على السير لا يفتر طرفة عين فما اعجل انقطاعها وان
كانت بعيدة وما اسرع زوالها وان كانت كعمر لقمان مدة مديدة ولنذكر شيئا من
خواصها وعجائبها

القول في الليالي والايام

اما اليوم فهو الزمان الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس شرعا واما الليل فهو الزمان الذي يقع بين غروب الشمس وطلوع
الفجر ومجموعهما 24ساعة لا تزيد ولا تنقص وكلما نقص من النهار زاد في
الليل وكلما نقص من الليل زاد في النهار كما قال الله تعالى (يولج الليل
في النهار ويولج النهار في الليل )واطول ما يكون النهار سابع عشر حزيران
عند حلول الشمس اخر الجوزاء فيكون النهار 15ساعة والليل 9ساعات وهو اقصر
ما يكون ثم ياخذ النهار في النقصان والليل في الزيادة الى 18ايلول وهو عند
حلول الشمس اخر السنبلة فيستوي الليل والنهار ويصير كل منهما 12ساعة ثم
ينقص النهار ويزيد الليل الى 17 من كانون الاول يصير الليل 15ساعة وهو
اطول ما يكون والنهار 9ساعات وذلك اقصر ما يكون ثم ياخذ الليل في النقصان
والنهار في الزيادة الى 16ادار عند حلول الشمس اخر الحوت فيستوي الليل
والنهار ويصير كل واحد 12ساعة ثم يستانف الدور وقد شبهوا اوقات اليوم
والليلة بارباع السنة فقالوا ان الغدو بمنزلة الربيع وانتصاف النهار
بمنزلة الصيف والمساء بمنزلة الخريف وانتصاف الليل بمنزلة الشتاء ولكن
اختلافها لما كان اختلافا يسيرا لا تتاثر منه الابدان تاثرها عن السنة
وربما تاثرت منه الابدان الضعيفة
ومن لطف الله تعالى بعباده جعل الليل والنهار لان الانسان مضطر الى
الحركات في اعماله لمعاشه ولا تنفك قواه عن كلال فعند ذلك يغلب عليه النوم
ولا بد له من ذلك لزوال الكلال كما قال الله تعالى(ومن رحمته جعل لكم
الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا عن فضله ولعلكم تشكرون )فعين وقتا
للنوم ينام فيه كلهم ووقتا للمعاش يعمل فيه كلهم ولولا ذلك لافضى الى عسر
قضاء حوائج الناس لان احدهم اذا طلب غيره لشغل وجده نائما

فضائل الايام وخواصها
(يوم الجمعة)
عيد الملة الحنيفية وسيد الايام وروى ابو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم انه قال خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق
ادم وفيه اسكن الجنة وفنه اهبط منها وفيه تاب الله عليه وفيه تقوم الساعة
وفيه ساعة لايوافقها عبد مسلم يسال الله تعالى خيرا الا اعطاه اياه قال
بعض السلف ان الله تعالى فضلا سوى ارزاق العباد لا يعطى من ذلك الفضل الا
من ساله عشية يوم الخميس ويوم الجمعة
وعن ابن مسعود رضي الله عنه من قلم اظفاره يوم الجمعة اخرج الله منه داء
وادخل فيه شفاء وقال الاصمعي دخلت على الرشيد يوم الجمعة وهو يقلم اظفاره
ويقول قلم الاظفار يوم الجمعة من السنة وبلغني انه ينفي الفقر فقلت ايا
مير المؤمنين وانت تخشى الفقر فقال وهل احد اخشى من الفقر منى وله فوائد
كثيرة لا تحصى والله اعلم

(يوم السبت)
هو عيد اليهود قال الكلبي امر موسى عليه السلام بني اسرائيل ان يفرغوا في
كل اسبوع يوما للعبادة فابوا ان يقبلوا الا يوم السبت وقالوا انه يوم فرغ
الله فيه من خلق الاشياء وزعموا ان الامور التي تحدث في يوم السبت تستمر
الى السبت الاخر فلذلك امتنعوا فيه من الاخذ والعطاء والمسلمون يخالفونهم
في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم بورك لامتي في بكور سبتها وخميسها وزعم
اصحاب الفلاحة ان النخلة اذا غرست يوم السبت لم تحمل
(يوم الاحد)
عيد النصارى قال اصحاب السير ان اول الايام الاحد وهو اول ايام الدنيا
وبدا الله خلق الاشياء وذكروا ان عيسى عليه السلام امر قومه بالجمعة
فقالوا لا نريد ان يكون عيد اليهود بعد عيدنا فاتخذوا الاحد وزعموا انه
صالح لابتداء الامور
(يوم الاثنين)
يوم مبارك كان رسول الله عليه وسلم كثيرالمواظبة على صومه وصوم الخميس
فسئل عن ذلك فقال هما يومان ترفع فيهما الاعمال فانا احب ان يرفع عملي
وانا صائم وفي الحديث انه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين واتاه الوحي
يوم الاثنين وخرج من مكة مهاجرا يوم الاثنين وقد قدم المدينة يوم الاثنين
وقبض يوم الاثنين اورده الامام احمد ابن حنبل في مسند ابن عباس رضي الله
عنهما
(يوم الثلاثاء)
يستحب فيه القعود واصلاح حال النفس والحجامة وقد قيل ان قابيل قتل هابيل يوم الثلاثاء

(يوم الاربعاء ) يوم قليل الخير والاربعاء الاخير من الشهر يوم نحس مستمر يحمد فيه الاستحمام

(يوم الخميس) يوم مبارك سيما لطلب الحوائج وابتداء السفر روى الزهري عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن ابيه ان رسول الله صلى لله عليه وسلم ما كان
يخرج اذا راد سفرا الا يوم الخميس وتكره الحجامة فيه حدث حمدون بن اسماعيل
قال سمعت المعتصم بالله يحدث عن المامون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور
عن ابيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
انه قال من احتجم يوم لخميس فحم مات في ذلك المرض قال دخلت على المعتصم
يوم الخميس فاذا هو يحتجم فلما رايته وقفت واجما ساكنا حزينا فقال يا
حمدون لعلك تذكرت الحديث الذي حدثتك به قلت نعم يا امير المؤمنين فقال
والله ما ذكرت حتى شرط الحجام فحم من ساعته وكان المرض الذي مات فيه رحمة
الله عليه.......